التاريخ الإسلامي
دون تشويه أو تزوير
التاريخ الإسلامي يمتد منذ بداية الدعوة الإسلامية بعد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تأسيس الدولة الإسلامية بالمدينة المنورة وحكم الخلفاء الراشدين، مرورًا بالدولة الأموية فالدولة العباسية بما تضمنته من إمارات ودول مثل السلاجقة والغزنوية في وسط آسيا والعراق وفي المغرب الأدارسة والمرابطين ثم الموحدين وأخيرًا في مصر الفاطميين والأيوبيين والمماليك ثم سيطرة الدولة العثمانية التي تعتبر آخر خلافة إسلامية على امتداد رقعة جغرافية واسعة، وهذه البوابة تعنى بتوثيق التاريخ من مصادره الصحيحة، بمنهجية علمية، وعرضه في صورة معاصرة دون تشويه أو تزوير، وتحليل أحداثه وربطها بالواقع، واستخراج السنن التي تسهم في بناء المستقبل.
ملخص المقال
من هم يهود الدونمة؟ ومتى كانت نشأتهم؟
استقبلت الدولة العثمانية -كما هو معروف- اليهود الفارِّين من الاضطهاد الكاثوليكي في أوروبا، وخاصَّةً من الأندلس.توطَّن اليهود في عدَّة مدنٍ عثمانيَّة أهمها إسطنبول، وسالونيك باليونان، وإزمير بالأناضول.
في عام 1626م وُلِدَ طفلٌ يهوديٌّ اسمه ساباتاي زيڤي Sabbatai Zeviلأبوين إسبانيَّين يعيشان في سالونيك[1]، وفي عام 1648م أعلن ساباتاي سِرًّا لليهود أنه المسيح المنتظر، وأنه جاء ليُخلِّص اليهود، ونظرًا إلى أوضاع اليهود المتردِّية في العالم آمن بدعوته بعضهم، وهاجمه آخرون[2].
من الواضح أن ساباتاي اختار هذا التوقيت لرؤيته للاضطرابات الشديدة التي كانت تعصف بالدولة العثمانية آنذاك. في ظلِّ هذه الاضطرابات انتشرت دعوته، وكثر أتباعه.
لم يلتفت إليه أحدٌ لكونه أوَّلًا يعمل سِرًّا، وثانيًا؛ لأن الدولة العثمانية كانت تنتهج سياسة التسامح الديني، فلم تكن تتدخل في شئون المعابد ولا الكنائس، فنَمَت دعوته بعيدًا عن عيون المراقبين، وثالثًا؛ لأن الدولة كانت مشغولةً للغاية في تمرُّدات القوى المختلفة، و-أيضًا- في حرب كريت، ثم النمسا، ورابعًا؛ لأن ساباتاي كان يمارس دعوته في سالونيك اليونانيَّة بعيدًا عن عيون الحكومة المركزيَّة[3].
شجَّع السكوت العثماني ساباتاي على الجرأة أكثر في دعوته، فبدأ يدعو إلى تنظيم يهدف إلى تكوين وطنٍ يهوديٍّ مستقلٍّ داخل الدولة العثمانية، وأخذ لذلك دعمًا من يهود القدس والقاهرة[4]. أخيرًا في عام 1666م، بعد أن استقرَّت الأوضاع في الدولة، اكْتُشِف تنظيم ساباتاي، وأُلْقِيَ القبض عليه[5].
صدر ضدَّه الحكم بالإعدام بتهمة الانقلاب على الحكم. أسرع ساباتاي بالتظاهر بالإسلام ليُنقذ رقبته من القطع، وبالفعل عَفَت عنه الدولة[6]. أضمر ساباتاي اليهوديَّة، وأظهر الإسلام، ودعا أتباعه إلى أن يفعلوا مثله.
استمرَّت هذه المجموعة متظاهرةً بالإسلام في المجتمع العثماني[7]؛ ولكنَّها كانت مغلقةً غير مندمجةٍ مع المسلمين العاديِّين[8]. أطلق عليها الأتراك لقب «الدونمة» Dönmeh؛ أي العائدين، وهي تعني المتظاهرين بالعودة إلى الإسلام؛ بينما هم على خلاف ذلك[9]. ظلت هذه المجموعة قائمةً إلى القرن العشرين، ويُبالغ بعضهم في تضخيم دورهم في إسقاط الدولة العثمانية؛ ولكنه دورٌ موجودٌ على كلِّ حال.
[1] Ashe, Geoffrey: Encyclopedia of Prophecy, ABC-CLIO, Santa Barbara, California, USA, 2001., p. 211.
[2] Scharfstein, Sol: Chronicle of Jewish History: From the Patriarchs to the 21st Century, KTAV Publishing House, Inc., New York, USA, 1997., p. 179.
[3] Ashe, 2001, p. 211.
[4] Scharfstein, 1997, p. 179.
[5] Somel, 2010, p. xlvii.
[6] Ashe, 2001, p. 213.
[7] مانتران، روبير: الدولة العثمانية في القرن السابع عشر: اتجاه إلى الاستقرار أم انحدار، ضمن كتاب: مانتران، روبير: تاريخ الدولة العثمانية، ترجمة: بشير السباعي، دار الفكر للدراسات والنشر والتوزيع، القاهرة–باريس، الطبعة الأولى، 1993م (ب).1/369.
[8] Bali, Rifat N.: Model Citizens of the State: The Jews of Turkey During the Multi-party Period, Translated: Paul F. Bessemer, The Rowman & Littlefield Publishing Group, Inc., Lanham, Maryland, USA, 2012., p. 18.
[9] Levine, Allan: Scattered Among the Peoples: The Jewish Diaspora in Twelve Portraits, Overlook Duckworth, London, UK, 2003., p. 111.
التعليقات
إرسال تعليقك